بقلم الدكتور : محمد عبد الحميد الزهار
•أمين أمانة العلاقات الخارجية بحزب حماة الوطن •مقرر مساعد المواطنة ببيت العائلة المصري
•والأمين المساعد للاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة
أعلنت إيران مساء يوم السبت الماضي عن بدء هجومها ضد إسرائيل بإطلاق عشرات الطائرات المسيرة الانتحارية وصواريخ مجنحة ردا على “جريمة إسرائيل بقصف القنصلية الإيرانية في دمشق”.
حيث جاء العتاد الذي هاجمت به إيران كالتالي :
– 331 صاروخاً ومسيرة أطلقتها إيران كالآتي:
– 185 طائرة مسيرة تم إسقاطها جميعا من قبل الدفاعات الأمريكية.
– 110 صاروخا باليستيا ، تم إسقاط 103 منها والـ7 صواريخ المتبقية ارتطمت في مواقع خالية.
– 36 صاروخ كروز ، تم إسقاطها جميعا .
ولو دققنا النظر في هذا الهجوم لوجدناه يحمل في طياته جوانب ورسائل عديدة عوضا عن كونه هجوم للمباغتة واستهداف اهداف إسرائيلية استراتيجية أو غيرها .
فكأنما الهجوم كان مرصود العواقب ومقدرا له الاحتواء والصد ، وهو ما دفع البعض للتشكيك في مصداقيته بل وأعلنها البعض صريحة بأن إيران قد أبرمت اتفاقا مسبقا مع إسرائيل حول طبيعة الضربة ! .
وهذا يدفعنا للتصديق بأن الضربة الإيرانية التي جرى التحضير لها أسبوعا كاملا، ما هي إلا محاولة لحفظ ماء الوجه، حيث لا تستطيع طهران الوقوف متفرجة على قصف قنصليتها في دمشق وقتل عناصر من الحرس الثوري الإيراني هناك ، والتي تعد أرضا سيادية لإيران وفق القانون الدولي.
كما تخشى طهران من أن يؤدي أي رد مباشر غير محسوب في اندلاع حرب إقليمية مباشرة وواسعة مع إسرائيل التي تمتلك وسائل قتالية متطورة وقدرة على الوصول إلى الأراضي الإيرانية.
*المكاسب الإيرانية من الهجوم*:
أولا: حفظ ماء الوجه أمام حلفاءها وجيرانها في المنطقة بعد الهجوم على قنصليتها في دمشق .
ثانيا :استثمار الهجوم لكسب التعاطف الإسلامي والعربي بكونها تدعم وتؤازر غزة وتخفف من حدة البطش الإسرائيلي على غزة من خلال إشغال ألة الحرب الإسرائيلية بجبهة جديدة .
*ولكن ماذا عن التداعيات في الداخل الإيراني واحتمالية الرد الإسرائيلي؟*
حيث شهد الشارع الإيراني توترات ليل السبت وسط مخاوف من انتقام إسرائيل وحلفائها في أعقاب الهجوم، وأعقب ذلك حالة من الذعر، حيث سارع المواطنون إلى التزود بالغذاء والوقود،وتشكلت طوابير طويلة أمام محطات البنزين في طهران والمدن الكبرى الأخرى، بينما امتلأت المحال بالمتسوقين، وانعكست مخاوف بعض الإيرانيين على الانخفاض الجديد في قيمة العملة الإيرانية مقابل الدولار الأمريكي.
ويبدو أن المزاج السائد في إيران يتجه نحو وقف التصعيد وخفض التوتر، إذ يبدو أن المسؤولين العسكريين والحكوميين راضين عن الهجوم ونتائجه.
وأرى أن إيران، من خلال إتاحة الوقت الكافي لإسرائيل لشن عمليتها الدفاعية، لم تكن لديها أي نية لإلحاق ضرر كبير أو التسبب في سقوط ضحايا.
أما عن الرد الإسرائيلي ،فقد قال مسؤولون إسرائيليون إن حكومة الحرب الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، والمؤلفة من خمسة أعضاء، أقرت الرد في اجتماع الأحد، على الرغم من انقسامها بشأن توقيت أي رد من هذا القبيل ونطاقه .
كما لم يتم بعد الحسم في شكل وموعد الهجوم المضاد الإسرائيلي، حيث قال عضو مجلس الوزراء الحربي بيني غانتس إن إسرائيل “ما تزال تدرس ردها وستحدد الثمن الذي ستدفعه إيران بالطريقة والتوقيت المناسبين لنا”.
كما كشفت صحيفة “التيليجراف” البريطانية أن تحركات نتنياهو ستتوقف على “مدى الضرر”، الذي خلفه هجوم طهران ، وكان الجيش الإسرائيلي كشف أنه لم تلحق أضرار تذكر جراء الضربة الإيرانية، التي استمرت قرابة 5 ساعات.
*ردود الفعل الدولية على الضربة الإيرانية*
قبل أن نتطرق تفصيلاً إلى ردود فعل الدول الكبرى على تلك الهجمة ، يجب الإشارة والتنويه إلى تحذيرات فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي المتكررة من تخوفات اتساع دائرة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، وتشديده على ضرورة سماع صوت العقل الذي يخرج دائماً من مصر بشأن الوقف الفوري للحرب على القطاع، وهو مايكشف حِنكة الرئيس السيسي وبُعد بصيرته .
أما عن موقف الولايات المتحدة الأمريكية فيتصف بالحيادية رغم الحفاظ على الدعم الكامل لإسرائيل ، فقد دعا الرئيس الأمريكي “جو بايدن” رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى التزام ضبط النفس و عدم الرد على الهجوم لتجنب تصاعد وتيرة الحرب ، وأبلغه بأن واشنطن لن تشارك في أي هجوم إسرائيلي على طهران .
أما مجموعة” السبع” فقد دانت بالإجماع الهجوم الإيراني على إسرائيل ، وشددت على وجوب التزام الأطراف ضبط النفس ، وأكدت مواصلة العمل لتجنب المزيد من التصعيد ، وسط معلومات أفادت بحث دول المجموعة فرض عقوبات على طهران ، وتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية .
هذا وطالب كلا من وزير الأمن الإسرائيلي يواف جالانت ،وعضو مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس ، ببناء تحالف إقليمي ضد ما اعتبره التهديد الإيراني لإسرائيل .
وعن الموقف الروسي باعتبارها حليفا قوياً لطهران ،فقد دعت وزارة الخارجية الروسية جميع الأطراف إلى “ضبط النفس” ، وقالت في بيان “نحضّ كلّ الأطراف المعنيين على إظهار ضبط النفس، فنحن نعوّل على الدول الإقليمية لحل المشاكل الراهنة بوسائل سياسية ودبلوماسية”.
وقالت “ماريا زاخاروفا” المتحدثة بإسم الخارجية الروسية إن إسرائيل تطلب منا إدانة رد إيران ولا نذكر أن تل أبيب أدانت أي مرة هجمات أوكرانيا على أراضينا !
بينما استنكر وزير الخارجية الروسي “سيرجي لافروف” ، إدانة مجلس الأمن للهجوم الإيراني بالرغم من كونه رداً على هجوم إسرائيل على القنصلية الإيرانية في دمشق ، بينما لم تتم إدانة الهجوم الإسرائيلي على القنصلية !!
*..الأوضاع في غزة*..
ولو انتقلنا للحرب الإسرائيلية على غزة لوجدناها تدخل في ٥ شهور و١١ يوم ، وسط صمود منقطع النظير من أهلنا في غزة .
أما عن تطوراتها ، فقد صدر بيان إسرائيلي جديد بشأن “العودة إلى شمال غزة” ، حيث جدد الجيش الإسرائيلي تحذيراته للفلسطينيين في غزة، من العودة إلى شمالي القطاع المنكوب.
وكتب المتحدث بإسم الجيش أفيخاي أدرعي على منصة “إكس”، اليوم الإثنين: “رسالة موجهة إلى سكان غزة، منطقة شمال قطاع غزة هي منطقة قتال خطيرة وبالتالي نكرر دعواتنا لكم في البقاء في المناطق الإنسانية والمآوي في منطقة جنوب القطاع، وتجنب محاولة العودة إلى شمال القطاع وذلك حفاظا على سلامتكم”.
جاء ذلك بعد يوم من إعلان مسؤولين صحيين في غزة مقتل 5 أشخاص كانوا يحاولون الوصول إلى منازلهم في شمالي القطاع الذي دمرته الحرب، لتصل حصيلة ضحايا العدوان الإسرائلي على غزة إلى 68 شهيدا و94 جريحا من خلال ٧ مجازر ارتكبها الكيان الغاصب في يوم واحد ، وتكون الحصيلة الكلية من بدء الحرب في ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ لترتفع إلى ٣٣٧٩٧ شهيداًو ٧٦٤٦٥ جريح .
*أما عن تفاصيل مفاوضات حرب إسرائيل على غزة ، فقد اقترحت حماس الشروط التالية :*
١.المطالبة برفع العقوبات التي اتخذت بحق جميع الأسرى الفلسطينيين منذ ٧ أكتوبر الماضي .
٢.المطالبة بإطلاق سراح ٥٠ أسير فلسطيني مقابل كل مجندة إسرائيلية أسيرة .
٣.الإفراج عن ٣٠ أسير فلسطيني مقابل كل أسير مدني إسرائيلي .
٤.انسحاب كامل القوات الإسرائيلية خارج قطاع غزة لي المرحلة الثانية .
٥.شرط الإعلان عن وقف إطلاق النار الدائم في المرحلة الثانية قبل بدء أي عملية لتبادل الأسرى .
٦.المطالبة بعودة جميع النازحين إلى شمال القطاع وضمان حرية التحرك في جميع مناطق القطاع .
٧. التزام حماس بمقترح وقف إطلاق النار على ٣ مراحل تمتد كل واحدة منها ل ٤٥ يوم .
وكان شمالي غزة هدفاً مبكراً في الحرب التي شنتها إسرائيل على القطاع، وسويت مناطق شاسعة في الشمال بالأرض، مما أجبر الكثير من السكان على الفرار جنوبا.
ويعيش حوالي 250 ألف شخص في الشمال الآن وفق تقارير، بينما منع الجيش الإسرائيلي معظم النازحين من العودة طوال فترة الحرب المستمرة منذ أكثر من 6 أشهر قائلا إنها منطقة قتال نشطة.
وقلص الجيش الإسرائيلي عدد قواته في غزة، وقال إنه خفف سيطرة حماس على الشمال، لكن إسرائيل لا تزال تشن غارات جوية وعمليات برية.
الدكتور محمد عبد الحميد الزهار ،
•أمين أمانة العلاقات الخارجية بحزب حماة الوطن •مقرر مساعد المواطنة ببيت العائلة المصري
•والأمين المساعد للاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة