بقلم : الدكتور محمد عبد الحميد الزهار -الأمين المساعد للاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة
إن تشابك وتعقد أزمات المنطقة بات يلقي بظلال خطيرة على حالة الاستقرار والأوضاع المعيشية لجميع شعوبها دون استثناء، الأمر الذي يقتضي تعاون جميع دول الإقليم من أجل دعم الاستقرار وتحقيق السلام والقضاء على بؤر التوتر .
ويرى البعض أن المنطقة تشهد إعادة تشكيل على أساس برغماتي بين دول المنطقة، وهو ما قد يسهم في ظهور تحالفات جديدة تبحث بها هذه الدول عن حل للأزمات العميقة التي تعاني منها، وخاصة الأزمات الاقتصادية والسياسية، وخصوصا تلك التي أعقبت الحرب في أوكرانيا.
وأصبحت مصر أمام معركة أمن قومي معقدة وسط صراعات إقليمية ودولية خطيرة ، أخرها العدوان الإسرائيلي السافر على غزة ، فأصبح لزاما عليها أن تبحث عن تقوية علاقاتها بدول إقليمية شابت علاقاتها معها أزمات مثل تركيا وإيران ، فهما دولتان قويتان ذاتا تأثير قوي إقليميا وعالميا ، ولعل عودة العلاقات المصرية معهما اقتصدايا وسياسيا سيعطي لمصر ثقل سياسي ، بالإضافة لتحييد مصر عن الهيمنة الاقتصادية الأمريكية الأوروبية .
فنحن نعيش في عالم بات الصراع العسكري فيه مكلفا ومدمرا لاقتصاد الدولة التي تنتهجه ، فأصبحت المعارك السياسية أكثر حسما وحقنا لدماء الدولة ، وأصبحت التكتلات الاقتصادية أكثر عمقا وتأثيرا ، وهو ما رأيناه في تعامل سيادة الرئيس السيسي مع أثيوبيا في أزمة سد النهضة والتي أظهرت حنكته السياسية البارعة في التعامل مع هذا المتغير الصعب .
ولعل انضمام مصر لمجموعة دول البريكس هي اللبنة الأولى في إعادة بلورة مصر لعلاقاتها الخارجية ، وينم عن فهم عميق لمتغيرات العالم الجديد متعدد الأقطاب .
ولابد أن تضع مصر نصب أعينها الدم العربي فلا تدخل في أي صراعات أو تكتلات ضد أي من أشقاءنا العرب فتجعله الحد الفاصل في تعاملاتها الدولية ، فمصر هي أم العروبة ونبعها النابض .
ولعل ما تعاني منه مصر حاليا من ندرة الموارد الاقتصادية يدفعها أيضا للتفكير في الاستثمار في دول الجوار وعمل شراكات اقتصادية قوية معها ، كالاستثمار الزراعي والحيواني في السودان ، وهو ما سيجعل مصر تكتفي ذاتيا من الحاصلات الزراعية والثورة الحيوانية إذا ماتم حسن استغلاله .
الدكتور محمد عبد الحميد الزهار -الأمين المساعد للاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة