بقلم : الدكتور محمد عبد الحميد الزهار -الأمين المساعد للاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة
ولازالت ملامح المؤامرة القذرة تتكشف يوما تلو الآخر ، فعقب العدوان الإسرائيلي علي غزة ، والذي ظنه البعض سياسياً بامتياز ! تتكشف المفاجأة الكبري بأبعاد اقتصادية في المقام الأول وهذا ما سنسرده لكم في تحليلنا التالي المتواضع .
ربما لا يعلم الكثيرون أن غزة ثرية بل ثرية للغاية ،فتلك المساحة الصغيرة من أرض غزة تقبع فوق ما يقدر بنحو ١،٤ تريليون قدماً مكعبة من الغاز الطبيعي ، ونحو ١،٥ بليون برميل من النفط ، حيث أكد علماء جيولجيون واقتصاديون أن الأراضي الفلسطينية المحتلة تقع فوق خزانات كبيرة من الثروات النفطية في المنطقه (ج) من الضفة الغربية المُحتلة ،وساحل البحر الأبيض المتوسط قُبالة غزة .
وفي العودة للعام ١٩٩٩ ،وقعت السلطة الفلسطينية اتفاقاً مع “بريطانيا للغاز ” ،حيث تم حفر البئرين للغاز قبالة سواحل غزة (غزة مارين ١ ) ، (غزة مارين ٢ ) ، وكانت تُعد النتائج كهبة إلهية بمليارات الدولارات لغزة وأهلها ، ونعمة اقتصادية كلاً في الداخل والخارج .
وتمر السنون وفي عام ٢٠٠٧ تصل حماس للسلطة وتشن إسرائيل هجوماً علي غزة تاركة خلفها أكثر من ١٤٠٠ شهيد فلسطيني ، ولكن أخذت معها حقول الغاز ، وفي غضون عام من تلك الفاجعة أعلنت إسرائيل الكشف عن حقل غاز ليفاياثين” Levaiathen” العملاق الذي كان يتضمن ثروات غزه والتي تقدر بمبلغ ٤٥٣مليار دولار ، ومنذ ذلك الحين لم تري غزة سِنتاً واحداً من ثرواتها في تلك الحقول المنهوبة والتي تُقدر بنحو ٤٧ مليار دولار حتى الأن ، أما عن تل أبيب فتسعي لتكون أحد عمالقة تصدير الغاز في أوروبا ، ولاعباً مُهماً في سوق الطاقة العالمية .
ولعل هذا ما أعلنته وزيرة الطاقة الإسرائيلية “كارين الحرار “حول حزمة من الاتفاقيات وقعتها إسرائيل ما بين عامي ٢٠٢١ ،٢٠٢٢ والتي تجعل من إسرائيل لاعباً رئيسياً عالمياً في قطاعي الطاقة والمياه .
ولو استمررنا في تحليل أوضاع الطاقة العالمية لوجدنا أن النفط الإيراني قد تم فرض عقوبات عليه ،والنفط والغاز الروسي قد تم فرض عقوبات عليهما ،وحقول النفط السورية تقبع تحت الاحتلال الامريكي ، وتم قصف ميناء (اللاذقية) ، ومرفق بيروت المدخل للشرق الاوسط في حالة ركام ، حتي نري تلك البلدة الصغيره التي تُدعي إسرائيل تعرض خدماتها للأوروبيين كبديل استراتيجي للطاقة ، بما تضع يدها عليه من حقول نفط وغاز شاسعة .
ولعله من الأهمية بمكان ، قد أعلن الكونجرس الأمريكي :”أنه من الأهمية القصوي للأمن القومي الأمريكي إيجاد مصادر جديدة للطاقة ” .
ولا نريد أن يغيب عن ناظرنا هدف استراتيچي آخر غير مُعلن للحرب المَقيتة علي غزة ، وهو رغبة الكيان الصهيوني الغاشم في إنشاء قناة تجارية تربط بين خليج العقبة والبحر الأبيض المتوسط مروراً بغزة وسواحل غزة ، وهو ما سيهمش بدورة من قناة السويس المصرية التي تُعد الممر العالمي الوحيد الذي يربط بين آسيا و أوروبا وكمنجماً للذهب للمصريين .
وفي الأسابيع الأخيرة ، منحت تل أبيب ١٢ ترخيصاً جديداً ل ٦ شركات علي رأس أولوياتها استغلال المزيد من الموارد في غزة .
فيا غزة العزة صموداً صموداً ، فأنتي درع العرب الأول في وجه الصهاينة وأطماعهم ومخططاتهم تجاه جميع الدول العربية.
الدكتور محمد عبد الحميد الزهار -الأمين المساعد للاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة