أصدر مركز جسور للدراسات الاستراتيجية – وهو مركز تفكير وبيت خبرة في مجال العلاقات الدولية والسياسات العامة – تقريرا تحليليا عن العقوبات الغربية ضد روسيا والتي شملت عقوبات اقتصادية وأخرى دبلوماسية ووصلت إلي العقوبات الرياضية وحتي الثقافية. ووصفت هذه العقوبات بأنها الأكثر شمولا وحدة ولم يسبق أن واجهتها أي دولة سابقا.
ورغم قسوة العقوبات وتنوعها، إلا أن تقرير مركز جسور يرصد الفجوات التي تتمكن منها روسيا من إختراق هذه العقوبات وإضعاف تأثيرها علي مجالها الاقتصادي والدبلوماسي. وعليه قدمت “اليان بطرس” الباحثة فى العلاقات الدولية بمركز جسور رصدا لإمكانيات حلف الناتو في مواجهة الدب الروسي وسط تراجع بعض دوله فى فرض العقوبات بشكل صارم وهو ما يضعف أوروبا وحلف الناتو على وجه الخصوص بعد تخلي وتراجع عدد من الدول الغربية والاوروبية عن موقفها التى اتخذته فى بداية الازمة وعلى رأسهم ألمانيا التى تعانى الآن أزمة طاقة حيث اعتمادها الكبير على الغاز الروسي.
ومن هذا المنطلق يسعى التقرير لاستعراض حجم الضغوطات الامريكية على الدول الاوروبية وما تكبدته أوروبا من جراء هذه العقوبات، إذ يبدو أن أوروبا فرضت هذه العقوبات على نفسها وليس على روسيا وحدها، وهو ما ظهر خلال الايام الماضية من تتابع للازمات الغذائية وأزمات الطاقة.
وأشار التقرير إلى أن الغرض الأساسي من العقوبات هو إلزام روسيا للتراجع عن سياساتها المعادية للغرب والإنسحاب من عملياتها العسكرية في أوكرانيا، لكن هذه العقوبات لم تثمر عن تحقيق أهدافها فمازالت روسيا تسير فى ذات الطريق التي إتخذته فور بدء عملياتها العسكرية علي الأراضي الأوكرانية.
ومن الجدير بالذكر أن روسيا إستغلت الحوار الدبلوماسي المتزايد معها من قبل فرنسا ورئيسها ماكرون وألمانيا ومستشارها شولتس وتركيا ورئيسها أردوغان لكسر عزلتها الدبلوماسية مع الغرب. وإستفادت روسيا أيضا من مواقف المجر الرافضة لتسليح أوكرانيا واستمرار العلاقات التجارية مع تركيا وإنحياز ألمانيا وفرنسا لاستمرار تدفقات الطاقة من روسيا إلي أوروبا لكي تعزز من وجود شروخ في جدار الناتو الصلب تجاهها.
وكانت دول الحلف قد أعلنت مرارا وتكرارا أنها تقف بصلابة في وجه روسيا وإن حلف الناتو أصبح أكثر متانة وتقاربا ويتحرك علي قلب رجل واحد لكن تحليل مواقف أعضائه من العقوبات على روسيا يبرز أن هناك فجوات في جدار الناتو مكنت روسيا من الإفلات من تأثير هذه العقوبات.